تيسير مغاصبة/دار الكتاب للادب العربي والثقافة

قصة متسلسلة "العائد " -١١- بعد أن تخلص عدنان من الشيطان الرجيم مشى بثقة غير متوقعة منه. بل أن لقائه بالشيطان دفعه دفعة قوية إلى الإيمان بربه بدل من أن يضعفه، وأن كل مامر به في رحلته تلك قد أنار بصيرته ،وأزاح الغمامة من أمام عينيه. فقال في نفسه "سأرى بماذا ستفاجئني تلك الصحراء حالما أختار لي مكان للعيش فيه أفضل لي بكثير بدلامم بقائي رحالة هكذا أجوب الصحاري. أو بالأحرى بدلا من بقائي هائم على وجهي ،قد أجد قبيلة ما لأعيش بين أفرادها طالما أن الحياة قد فرضت علي من جديد..لكن ياترى هل أنا الأن مؤمن حقا ..أم لازلت ....أن هذا الأمر لازال يؤرقني حقا..إللهي أعني على حسن طاعتك وحسن عبادتك ..أنا..أنا مؤمن..مؤمن ..مؤمن......؟" بينما كان ينظر إلى السماء يناجي ربه ويرجوه أن يشرح صدره للإيمان غرزت قدميه في الرمال، أو بالأحرى جذبته الرمال وإستمرت في جذبه إلى الأعماق فبدأ يردد "لاإله إلا الله..؟" وكان يتلفت حوله عسى أن يظهر من ينقذه من تلك الصحراء التي تنوي إبتلاعه. لكن لاأحد هنا،ماهذه الصدفة ،الأن خلت الصحراء من أي عابر سبيل مهما كان نوعه،ماهذا الحظ العاثر. لقد بدت الصحراء واسعة جدا ،خالية من أي مخلوق، وبينما كانت الرمال تجذبه إلى أسفل كان لايزال يردد:"لاإله إلا الله..لاإله إلا الله ..إللهي قد آمنت بك ربا فأغفر لي ؟" جذبته الرمال إلى ركبتيه ولازالت تجذبه محاولة إبتلاعه ،ثم وصل مستوى الرمال إلى خاصرته ..ثم إلى صدره ..فاستمرت في جذبه حتى لم يظهر منه سوى رأسه .فسلم للأمر الواقع ،بأنه سيعود إلى العالم الأخر الذي جاء منه ،سيعود إليه بعد أن عاش أيام بعيدا عن ربه ،رافضا الدعوة إليه ،متنكرا لكل مارآه، فتذكر الراعي صخر الذي لم يكن يعرف الصلاة الصحيحة ؛وأخذ يرجوه بأن يعلمه أصول الصلاة ،ولم يكلف نفسه بتعليمه الصلاة الصحيحة، بالرغم من كل الإغراءات التي عرضها عليه . سمع صهيل حصان وصوت خطوات حوافره على الأرض فأعتقد بداية بأنها مجرد تخيلات ما قبل الموت ،لكنه سرعان ماعرفه. أنه الحصان الوفي ،الحصان المتكلم،ناداه الحصان: -عدنان..أسمعني جيدا ياعدنان، أخرج يديك من الرمال بسرعة؟ -سأحاول ياصديقي. -أنا لاأطلب منك أن تحاول ،لامجال للمحاولة، بل أخرج ذراعيك وبسرعة ..لاوقت لدينا..هيا ؟ أخرج عدنان يديه وبصعوبة ،رمى الحصان بالرصن إليه وقال له: -الأن تمسك جيدا ياصديقي؟ تمسك عدنان بالرصن فقام الحصان القوي بسحبه حتى أخرجه من فم الصحراء المفترسة ،كان عدنان لايزال يشعر بالاختناق، هنا عض الحصان على الكفن بأسنانه ورفع عدنان وجرى به في الهواء الطلق ولم يتوقف إلا عند أقرب واحة وأنزله هناك ..نهض عدنان بعد أن أستعاد أنفاسه وأخذ يعانق صديقه الحصان ويشكره على إنقاذه لحياته. شربا الماء ونزلا كلاهما إلى البحيرة وسبحا معا بسعادة. وهكذا نجى عدنان من موت محتم. قال عدنان : -أشكرك ثانية على إنقاذك لحياتي ياصديقي ؟ -لاداعي للشكر ياصديقي ،ولاتنسى بأنك أنت الذي أنقذتني أولا عندما أخرجتني من الحفرة. -حدثني عن أخبارك ياصديقي؟ -آه..عن ماذا أحدثك ياعدنان ،لقد مات صديقي بعد موتي بأيام قليلة ،مات حزن على فراقي،لكنه لم يكن من العائدين . -إذن أستطيع قول بأننا أصبحنا منذ هذا اليوم أصدقاء لايفرقنا سوى الموت؟ -بكل تأكيد، فأنا لن أجد خيرا منك ليكون صديق لي الأن،والأن أرجو أن ترفع تلك الكوفية عن عنقي وأن تأخذها لك ،لقد أهديتها لك،ارجو منك المحافظة عليها ياصديقي . شعر عدنان بسعادة غامرة وهو يرفع الكوفية المربوطة على عنق الحصان ويضعها على رأسه، إستراحا قليلا ثم صعد عدنان على ظهر الحصان وتابعا طريقهما معا. (يتبع..) تيسيرمغاصبه ٢-٢-٢٠٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عبيد احمد /دار الكتاب للادب العربي والثقافة

د. غلى احمد جديد /دار الكتاب للادب العربي والثقافة

فؤاد زاديكي /دار الكتاب للادب العربي والثقافة